

النوم بين اليقظة واللايقظة… بوابة الرؤى والرسائل الإلهية
بين العلم والروح يكمن سرّ اللحظة التي تسبق النوم مباشرة، حيث يلتقي الوعي بالمجهول، وتبدأ الرؤى والإلهامات بالانفتاح. اكتشف كيف يُفسّر العلم هذه الحالة، وما علاقتها بالتجلي الإلهي لدى الزوهريين وأصحاب الحسّ الروحي العميق.
الكلمات المفتاحية: النوم بين اليقظة واللايقظة، الرؤى، الوعي، الزوهري، التجلي الإلهي، hypnagogic state، الإلهام الروحي، علم الروح، العبور بين العوالم.
النوم بين اليقظة واللايقظة، الرؤى، الوعي، الزوهري، التجلي الإلهي، hypnagogic state، الإلهام الروحي، علم الروح، العبور بين العوالم.
هل شعرت يومًا، قبل أن تغفو، أنك ما زلت تسمع وتعي ما حولك… لكنك في الوقت نفسه تطفو بعيدًا عن الجسد؟
تبدأ صور غريبة بالظهور، وأصوات خفيفة تتردد، وربما تحسّ بطاقةٍ تسحبك نحو الأعلى أو الهبوط إلى عمقٍ لا مرئي…
تلك اللحظة الغامضة ليست حلمًا ولا يقظة، بل ما يسميه العلماء حالة النوم بين اليقظة واللايقظة — أو Hypnagogic State.
أما العارفون بالله، فيسمّونها منطقة العبور بين العوالم… لحظةَ التقاء الأرض بالسماء، والمادة بالروح.
من منظورٍ علميّ: حين يتراجع الجسد ويتقدّم الوعي
العلم الحديث يصف هذه الحالة بأنها مرحلة انتقالية بين الوعي الكامل والنوم العميق.
فيها يبدأ الدماغ بإبطاء تردّداته من موجات بيتا السريعة (Beta) إلى ألفا وثيتا (Alpha & Theta)،
وهنا تنفتح بوابة الأحلام والخيال والرؤى البصرية والمسموعة.
خلالها، قد يرى الإنسان صورًا واضحة، أو يسمع همساتٍ تشبه الحلم،
لكن المدهش أن هذه الظواهر تحدث قبل أن ينام فعلاً — أي أن الدماغ يعيش بين عالمين:
عالم الوعي المادي، وعالم الرموز الطاقية والخيال الباطن.
بعض العلماء يصفونها بـ “مختبر الإبداع الإلهي”،
ففي هذه الحالة وُلدت أفكارٌ واكتشافات عظيمة، مثل نظرية “البنزين” التي حلم بها العالم كِكولِه في هذه المرحلة بالذات.
من منظورٍ روحانيّ: عبور بين الأرض والسماء
أمّا في البعد الروحاني، فإن حالة ما قبل النوم ليست مجرد نشاط دماغي…
بل هي بوابة بين عالم الشهادة (المادي) وعالم الغيب (اللطيف).
يقول الله تعالى:
﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ [الزمر: 42]
أي أن النوم يشبه موتًا صغيرًا، تتخفف فيه الروح من قيود الجسد،
فتبدأ بالتحرك في أبعادٍ لا تدركها الحواس، وتستقبل الإشارات الربانية بصفاءٍ لا يتحقق في اليقظة.
لهذا نجد أن كثيرًا من الرؤى الصادقة، أو الإلهامات التي تُغيّر مصير الإنسان،
تحدث في هذه اللحظة تحديدًا — لحظة التماس بين النور والظلمة، بين الغياب والوجود.
كيف تكون هذه الحالة وسيلةً للتلقي الروحي
حين يدخل الإنسان في هذا المستوى الطاقي، تصبح الحدود بين الداخل والخارج شفافة.
اللاوعي يفتح أبوابه، والروح تتلقى دون مقاومة من الفكر.
في تلك اللحظة يمكن أن تَرِدَ فكرةٌ ملهِمة، أو رسالة رمزية، أو طمأنينة عميقة تنساب إلى القلب كأنها وحي داخلي.
الزوهري، بحسّه الروحي العالي، يعيش هذه الحالة بوضوح أكبر من غيره.
قد يشعر كأنه يُرفع جسديًا أو يُسحب بلطف، أو يسمع نداءً غير مسموع…
وهذا ليس خيالًا، بل انعكاس لتفاعل الجسد الطاقي مع عوالم النور.
لكن هنا يجب التنبيه:
ليس كل ما يُرى أو يُسمع في هذه المرحلة رسالة من الله،
بل يُفرّق العارفون بين الرسالة النورانية الهادئة التي تُزرع في القلب سكينةً،
وبين الخيالات المقلقة التي مصدرها النفس أو اضطراب النوم.
الميزان هو الطمأنينة — فما جاء من الله لا يُخيفك، بل يُنيرك.
كيف نستفيد من هذه الحالة
- اجعل لحظة ما قبل النوم لحظة ذكرٍ وتأمل.
تكرار الأذكار والدعاء يجعل الذبذبة النورانية في الجسد أصفى،
فيتحول العبور الليلي إلى تواصلٍ لطيفٍ مع رحمة الله. - أبعد الأجهزة والضوضاء قبل النوم بنصف ساعة.
فالإشعاعات ترفع تردد الدماغ وتمنع دخوله في موجات الألفا والثيتا الطبيعية. - سجّل ما تراه أو تشعر به فور الاستيقاظ.
لأن الرسائل الرمزية تختفي سريعًا، والكتابة تحفظ معناها قبل أن يتلاشى. - اطلب من الله النور والهداية قبل أن تنام.
فكما قال النبي ﷺ: “من بات طاهراً بات في شعاره مَلَكٌ، لا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان.” فالنوم على طهارةٍ وذكرٍ يجعل العبور بين العوالم نقيًّا وآمنًا.
نافذةٌ مفتوحة على الغيب
في كل ليلة، حين تُغلق عينيك وتغيب عن العالم…
تتكرر معجزة صغيرة، تُذكّرك أنك لست مجرد جسدٍ نائم،
بل روحٌ تسافر، وجزءٌ من سرٍّ أعظم.
النوم بين اليقظة واللايقظة هو نافذةٌ مفتوحة على الغيب،
يرى فيها الزوهري ومَن مثله لمحاتٍ من الحكمة الإلهية،
كأن الله يقول له:
“هنا، في سكون الليل، تسمع ما لا يُقال… وتفهم ما لا يُفسَّر.”
فإذا أردت أن تسمع النداء… فاهدأ، واذكر الله، واترك الباب مفتوحًا بينك وبين السماء













