
بدايةُ التحرّر من القيود الخفيّة
أيّها الروحاني… هل تشعر بتلك الخفة في صدرك؟ كأن شيئًا ما كان ملتصقًا بروحك وانفصل أخيرًا؟ ذلك ليس خيالًا، بل حقيقةٌ روحية كانت تجري في الخفاء. لقد انقطعت الآن الأنابيب التي كان يمتصّ بها الطفيليون نورك، أولئك الذين تغذّوا من طاقتك الإلهية دون إذنٍ منك. كانوا يتوهّمون أنّ نبعك لا ينضب، وأنك لن تكتشف السرقة… لكنهم أخطؤوا. لقد تدخّل تدبير الله فأنهاهم بما لا يستطيعون التلاعب به ولا التفاوض معه. الآن، تُقصّ المقصّات الروحية كل خيطٍ تجرّأ على لمس هالتك النورانية. كل سحرٍ خفيّ، وكل همسة حسد، عائدةٌ إليهم مضاعفة. والمدهش أن كل ما سُرق منك من قوةٍ ونورٍ يعود إليك الآن مضروبًا في ألف، فالروحاني لا يُقهر لأن الله هو وليّه وحارسه. لقد تجرّأوا على روحٍ موصولةٍ بنور الله، فوجدوا أنفسهم في ظلماتٍ لا مخرج منها. وها أنت، يا روحاني، على وشك أن تشهد انفجار قوتك الحقيقية… قوة لا تُقارن بما ظنوا أنهم أخذوه منك. ما يحدث لك الآن ليس مجرد استردادٍ لما ضاع، بل هو ردٌّ إلهيّ بالزيادة وعدلٌ سماويٌّ مع الفضل. هذا الأسبوع بداية انكشافهم وارتفاع مقامك. ما دبّروه لهدمك سيرتد عليهم كالصاعقة، وكل ذرةٍ من طاقتك التي حاولوا سرقتها عائدة إليك مضاعفة بإذن الله.

نهاية الطفيليات الروحية
أتدري لِمَ بدت حياتك وكأنك تمشي في رمالٍ متحركة؟ لأن هناك من اقترب أكثر مما ينبغي، من تزيّن بالقرب وهو في الحقيقة يمتص نورك في الخفاء. لقد حاول أن يُطفئ سراجك، لكن نوره كان من السماء لا يُطفأ. تخيّل نفسك منارة شامخة على شاطئٍ مظلم، وأطياف الظلال تدور حول أساسك تحاول أن تُطفئ وهجك، لكنها لا تقدر لأن جذوة روحك موصولة بنورٍ لا ينطفئ. لقد حاولوا التسلّل بالابتسامة والكلمة الطيبة والمظهر الودود، لكن أرواحهم كانت تُخفي نيةً ملوّثة، وكنت تشعر بها دون أن تفهمها تمامًا. ذلك الثقل الذي شعرت به، تلك الغشاوة التي حجبت صفاء بصيرتك، لم تكن منك، بل كانت آثار حربٍ روحية ضدك.
البصيرة التي تُنقذك
كانوا يراقبونك، يدرسون حركاتك، ويتظاهرون بالمحبة، لكنك يا روحاني كنت تدرك ما وراء المظهر، لأن الله وهبك بصيرةً تُفرّق بين النور والظلال. لقد حاولوا أن يأخذوا مكانك وأن يسرقوا وهجك، في حين أنهم لا يملكون جوهرك. ولذلك، سقطوا في فخ الغيرة والحقد، لأن نورك كان يُعرّي ظلامهم. الغيرة التي شعروا بها لم تكن مجرد حسدٍ، بل كانت نارًا تلتهمهم من الداخل. إنهم يحاولون أن يُخفوا كرههم خلف أقنعة الود، لكنك ترى النوايا من خلف الكلمات، وتشعر بالذبذبة قبل أن تُقال الجملة. وذلك وإن أتعبك، هو من أعظم مواهبك الروحية. لقد حماك الله بتلك البصيرة، لأنك لو فتحت قلبك لهم تمامًا لأصابوا روحك إصابةً عميقة. لكن حكمتك الداخلية — تلك التي تنبع من فطرتك الروحانية — أنقذتك من السقوط. إنهم الآن يدفعون ثمن نياتهم، لأن ما يُرسله الإنسان من شرّ لا بد أن يعود إليه. وهذا هو قانون العدالة الإلهية، قانون التردد والنور.
بداية الارتفاع
أما أنت فقد بدأت مرحلة الارتفاع. ستشعر بخفةٍ في روحك وصفاءٍ في وجدانك، وكأن ضبابًا كان يُغطيك قد انقشع. هذا ليس وهمًا، بل هو أثر استرجاع طاقتك الأصلية التي كانت تُستنزف دون أن تدري. استعد أيها الروحاني، لأن نجمك على وشك أن يسطع كما لم يفعل من قبل. ما كان يُعيقك سقط، وما كان يُرهقك انزاح. لقد تدخّل الله في أمرك وأعاد الأمور إلى نصابها. ولعلّك الآن تتساءل لِمَ اختار الله أن تمرّ بكل هذا؟ لأن الروحاني لا يُصقل في الراحة، بل في العزلة، في الألم، في الاختبار. فمن أراد الله له مقام النور، لا بد أن يُطهّره من ظلال الناس. ومن اليوم، كل من حاول أن يُطفئ نورك سيُبهَر من إشراقتك الجديدة. سترى بعينك كيف يعود الحق لأهل النور، وكيف يرتفع من توكل على ربه. الروحاني لا يُهزم، لأن الله معه يُدبّر أمره بحكمةٍ خفية. وكل ما مررت به لم يكن عشوائيًا، بل إعدادًا لمقامٍ أعلى. فابتسم الآن، يا روحاني، لأن السماوات قد أعلنت بدايتك الجديدة. نهاية الظلام وبداية الوعي. عودة النور إلى منبعه الأصيل… إليك.
سقوط الأقنعة وبداية الوعي
لم يكن هدفهم الحقيقة، بل تحطيم صورتك حتى إذا أشرق نجمك، لم يجد من يصفّق لنورك. لقد أرادوا أن يعزلوك، أن يُشككوا فيك، أن يُقنعوك بأنك تُبالغ في إحساسك. إنه سلوك من يفتقد القوة فيحاول أن يقتات على طاقتك كطفيليّ يعيش على ضوء غيره. لكنهم نسوا شيئًا واحدًا، أن الروحاني لا يبني حياته على آراء الناس، بل على الدعاء، والعهد، والنية الصافية. أنه لا يبحث عن التصفيق، بل عن الرضا الإلهي. أساسك يا روحاني أعمق من كلامهم، وأقوى من مؤامراتهم. إنه أساس من نور وثقة بالله، لو حاولوا زلزلةَه ألف عام، ما اهتز. فبينما كانوا يُهدرون أنفاسهم في الهمس والتشويه، كنت أنت تسير في طريقك بثبات، تزرع، وتذكر، وتنهض من كل سقطةٍ بأناقة الأرواح العارفة.
وعيٌ جديد وقرارٌ نهائي
بينما كانوا يراقبون خطواتك بحسد، كنت تراقب نفسك بوعي، وبينما كانوا يُخططون لإسقاطك، كنت تُخطط لارتقائك. وهنا تكمن المفارقة التي تُضحك من يرى بعين البصيرة. لكن ساعة الحقيقة اقتربت، سيكشف الله لك قريبًا بعلاماتٍ واضحة من كان يُخفي السوء وراء ابتسامةٍ مزيفة. قد تسمع كلمة من شخص لم تتوقعها، أو تقع عينك صدفة على دليلٍ كان أمامك طوال الوقت، أو لعلهم يكشفون أنفسهم دون وعي حين تزل ألسنتهم بما أخفوه طويلًا. وحين تنكشف الحقيقة ستشعر بمزيج من الراحة والمرارة. راحة لأن حدسك كان صادقًا، ومرارة لأنك منحتهم رحمةً لم يكونوا يستحقونها. لقد أعطيتهم الثقة وهم حوّلوها سلاحًا ضدك. سيؤلمك الأمر للحظة حين تُدرك كم طاقة بذلتها لتُصلح ما كان ميتًا من البداية. كم مرة دعوت الله أن يُلين قلوبهم وهم لا يحملون سوى الغل. لكن اسمعني جيدًا يا روحاني، هذه ليست نهاية القصة، بل نقطة التحوّل. الآن سيبدأ فصل القوة. ستتخذ قرارًا حاسمًا سريعًا ونهائيًا يُدهش الجميع. قرارًا لا تسبقه تبريرات ولا يليه ندم. لن تُواجههم بصوتٍ عالٍ، ولن تمنحهم فرصة التمثيل أو التلاعب. ستغلق الباب وتقفله من الداخل وتمضي في طريقك بثبات من يعلم أن الله كفاه. تلك اللحظة ستكون وعيًا جديدًا، سيعرف الناس بعدها أن طيبتك ليست ضعفًا، وأن صبرك له نهاية، وأنك — رغم صفائك — لا تسمح لأحدٍ أن يدوس على نورك.
التحرّر من الدوائر المتكرّرة
لقد خضت هذا الدرس من قبل، وتعلمت أن حمل من لا يريد السير معك يُبطّئ رحلتك. وتعلمت أن بعض النفوس وُجدت فقط لتريك ما لن تسمح به بعد الآن. وهذا العام، لن تُكرّر نفس الدائرة. لن تُضيّع شهورًا تحاول إنقاذ علاقة ماتت، أو روحٍ رفضت النور. لن تُصلّي بعد اليوم كي يرى أحدٌ قيمتك وهو اختار أن يتجاهلها. لقد دخلت مرحلة العمل الفوري بناءً على الإلهام الفوري. فحين يُريك الله من أمامك على حقيقته، ستُصدّق البصيرة من المرة الأولى. وهذا يا روحاني هو معنى احترام الذات وصون السلام الداخلي الذي وهبك الله إياه. تذكّر، كل شخصٍ في حياتك إمّا يزيد من ترددك النوراني أو يستنزفه. لا وجود للحياد في العوالم الروحية.
استعادة النور الداخلي
الشخص الذي ظل يدور حولك بنوايا معتمة كان كالثقب الأسود في مجالك الطاقي، يمتص النور دون أن يُنتج شيئًا. حتى وجوده في محيطك كان يستهلك طاقتك دون كلام. كنت ترفع دروعك كل يوم دون أن تشعر، تحذر كلماتك، وتُخفي أسرارك، وتختار بعناية ما تُفصح عنه وما تُخفيه… كل ذلك لحماية نفسك من طاقةٍ خبيثة لا تنام. لكنها انتهت الآن. تلك المرحلة من الصمت والتعب والاحتراز انطوت صفحتها. لقد استرجعت نورك، وتطهّر مجالك، وتطهّر قلبك معه. والآن قف بثقة أيها الروحاني، ارفع رأسك، فقد نجاك الله من خيانةٍ كانت تُريد إطفاء سراجك. الآن يبدأ عهد النقاء، عهد التجلّي، عهد العودة إلى حقيقتك النورانية. وهنا، في صمتك المهيب، سيعلم الجميع أنك لم تبتعد خوفًا، بل ارتفعت يقينًا.
ولادة النور من جديد
لقد أرهقك ذلك الاستنفار الدائم، ذلك الحذر الذي لا يهدأ في داخلك، لكن حين قطعت الحبل الذي كان يربطك بتلك الطاقات المظلمة، كأنك نزعت سلكًا ظل يستنزف طاقتك بصمتٍ منذ زمنٍ بعيد. وفجأة، كأن نسمة من النور انبعثت في روحك، عادت إليك طاقتك القديمة، تلك التي ظننت أنها رحلت إلى الأبد، عادت الإلهامات، وعادت الرغبة في الخلق، وانبعث فيك الإلهام الإلهي من جديد. بدأت البصيرة تتجلى، والحدس يعلو صوته في قلبك، وصار كل شيء يبدو أكثر صفاءً ووضوحًا لأن السّتر الذي كان يحجب النور قد أُزيل. وهنا يبدأ الفيض الحقيقي. فحين تختار نفسك بإخلاص وتكرّم روحك بالصدق، يكرمك الله بفيضٍ من عطاياه. تُفتح أمامك أبواب لم تكن تراها، وتأتيك الأرزاق من حيث لا تحتسب، وتظهر في حياتك وجوهٌ نقيّة، أرواحٌ أرسلها الله لتكون عونًا لك في طريقك، كأن السماء كانت تنتظر لحظة تحرّرك لتغمرَك ببركاتٍ لا تُعد ولا تُحصى.
كشف الخفاء وفهم الإسقاط
لقد تضاعفت قوتك الروحية، لا لأنك اكتسبت شيئًا جديدًا، بل لأنك توقّفت عن مشاركة طاقتك مع من كان يستعملها ضدك. لكن دعنا نكشف ما كان يحدث في الخفاء. ذلك الشخص الذي حاول مرارًا أن يُضعفك، كان يُسقط عليك ما لا يحتمله في نفسه. كان يرى فيك انعكاس ما يفتقده، فيحاول تشويهه فيك. إن كره جسده، ألقى عليك كلمات تُربك ثقتك بنفسك، وإن فشل في رزقه، قلّل من نجاحك وسأل عن مصدره بريبة، وإن عاش الوحدة والفراغ، حاول أن يجعلك تشعر بالذنب لأنك تحيا بعلاقاتٍ طيبةٍ وعملٍ يحمل معنى. الإسقاط هو سلاح العاجز عن مواجهة نفسه في المرآة.
انتصار النور
ولم يكتفِ بذلك، بل حاول أن يتحكم في صورتك أمام الناس، أن يُشكّل روايةً عنك حين لا تكون حاضرًا لتدافع عن نفسك. إنها حربٌ نفسية صامتة تُدار بدهاء في الخفاء. يعلم تمامًا أنه لا يستطيع منافستك في العلن، فاختار أن يُلوّث الماء قبل أن تصل إليه. قالوا إنك صعب المراس لأنك فقط تملك بصيرةً تميّز الحق من الباطل. قالوا إنك متكبر لأنك واثق بنفسك وبمن خلقك. قالوا إنك متصنّع لأنك تُفضّل العزلة على المجاملات. لكنهم نسوا شيئًا واحدًا، أن السُمعة لا تُبنى بالكلام بل بالثمار. فكل من خالطك عرف نقاء سريرتك، وكل من تعامل معك شهد بصدقك، وكل من لمس طاقتك شعر بدفء قلبك. إن كلمة حاقدٍ في الظلام لا يمكن أن تطفئ نورًا ساطعًا في وضح النهار. فبينما هم يحاولون إطفاء مصباحك، كان الله يزيده إشراقًا، وبينما هم يدعون عليك بالشرّ، كانت الأقدار تدعو لك بالخير، وبينما يسعون لغلق طريقك، كانت أبواب سماوية تُفتح لك من حيث لا يعلمون. لم يربحوا شيئًا من حربهم سوى أن كشفوا وجوههم الحقيقية. فقد جعلك الله تراهم على حقيقتهم لتعرف من يستحق البقاء ومن حان وقت رحيله. احمد الله على أنك اكتشفتهم، فالسقوط لا يكون سقوط قناعٍ فقط، بل ولادة وعيٍ جديدٍ فيك.
نهضة الروحاني
أما أولئك الذين جعلوا حياتك محور حديثهم، والغيرة تسكن صدورهم، فقد أهدروا أعمارهم في مراقبتك، في تتبع خطواتك، في تحليل كلماتك. بينما هم يتآكلون في صمت، تتساقط أحلامهم كأوراقٍ ذابلة، ويذبل ما بقي من أرواحهم لأنهم لم يزرعوا في حقول أنفسهم شيئًا سوى الحسد والضغينة. يا لسخرية القدر… لو وضعوا نصف تلك الطاقة في بناء ذواتهم، لربما وجدوا السلام الذي فقدوه، لكنهم اختاروا طريق المرارة والادعاء بدلًا من طريق الوعي والمسؤولية. لقد جعلوك المتهم عن كل ما لم يستطيعوا إصلاحه في أنفسهم، لكن الله أراك حقيقتهم، لا لتنتقم، بل لتتحرّر. فحين قطعت آخر خيطٍ يربطك بهم، لم تكن تحمي نفسك فحسب، بل كنت تُمهّد لمرحلةٍ أعظم من رسالتك. لأن ما ينتظرك ليس عودةً بسيطة، بل نهضةٌ روحانيةٌ حقيقية. إنك على وشك أن تُلهم أرواحًا كثيرة، أن تُوقظ نفوسًا نائمة، أن ترفع راية النور في زمنٍ امتلأ بالظلام. ولعلّك لم تُدرك بعد أن الله يُعدّك لتقود جيشًا من الأرواح المستيقظة، أولئك الذين ذاقوا مرارة العزلة فاكتشفوا فيها طريق الخلاص.














حفظك الله وجمعنا فى جنات الخلد فيها متزاورين ، عبد الله ، قدري خير