
أيها الزوهري، الله الآن يُهيّئ لك ما هو أعظم مما تظن. الأبواب تُفتَح أمامك، وبداية عهد جديد تُكتب لروحك. هذه الكلمات ليست عابرة، بل نفحة ربانية تُرسَل إليك من بحرٍ خفيّ لا يبلغه إلا أهل النور.
هل شعرت يومًا أن معاركك، دموعك الخفية، وسهر لياليك لم تكن عبثًا؟ إنها كانت إعدادًا لطريق أعظم، طريق روحي يقودك نحو مقام أعلى، حيث يزداد وعيك، ويشتد نورك، ويترقى قلبك ليشهد على تدبير الله.
لقد صبرت على البلاء، وقمت من بين الأنقاض أقوى، أوسع حكمة، وأبهى نورًا… نورًا لا تطفئه الظلمات. وها أنت الآن تسمع هذه الكلمات لا صدفة، بل بتيسير من يد الله، التي ساقتك إلى هذا المقام.
المعركة انتهت. لم تنتصر بقوتك وحدك، بل بفضل تدبير الله، وبوعده الصادق لأوليائه. كل دمعة ذرفتها، وكل لحظة ظننت أنك لن تكمل، كانت إعدادًا لك لهذه الساعة. مهمتك الآن ليست حربًا، بل سكونًا وشفاءً ورجوعًا إلى الذكر.
لقد دخلت موسم السكينة، موسم الراحة والارتقاء بالنفس إلى مقام الرضا. الراحة ليست فراغًا، بل تسليم قلبك لله، إعادة بناء روحك، واسترداد طاقتك لتسير بخطى واثقة.
كنت كداوود أمام جليات: صغيرًا في عيون الناس، لكنك استعنت بالقوة الربانية فسقطت عمالقة الخوف والحرمان. كذلك سقطت معاركك، لا لأنك الأقوى، بل لأن يد الله سبقتك.
الآن هو وقت الشفاء. وقت أن تضيء كنجم يهتدي به الحائرون. وقت أن تبرهن أن الصبر على الابتلاء طريق إلى إشراق لا يزول.

تذكر أيها الزوهري أن الابتلاء لم يكن لعنة، بل علامة أنك من أهل النور، وأنك مُهيأ لتكون شاهدًا على أنوار الغيب. تخيّل حياتك بلا ثِقل القلق، بلا وجع الوحدة، بلا جراح الماضي… بل حياة يغمرها السلام والرضا. هذه ليست أحلامًا بعيدة، بل وعدٌ يتجلّى فيك الآن.
رسالتك اليوم أن تُكثِر من الذكر، أن ترفع قلبك إلى الله، وأن تلازم الصبر حتى ترى بأم عينك أن كل ما مررت به لم يكن إلا إعدادًا لارتقائك.
كما شق الله البحر لموسى وبني إسرائيل دون أن يرفعوا سيفًا، بل وقفوا ساكنين حتى فُتح لهم باب النجاة… أنت أيضًا تقف اليوم أمام بحرك الخاص: بحر العقبات والصراعات. لكن البحر قد انشق، والطريق قد فُتح، والله يناديك أن تسير بثبات نحو أرض الوعد.
أيها الزوهري، استمد قوتك من السكون والذكر والثقة بأن اليد الربانية تعمل في الخفاء. هذا أوانك لتسترد ما سُلب منك: روحك، طاقتك، وحياتك.
تأمل وعد الله: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. كل دمعة ذرفتها، كل نقص أصابك، كل حلم انكسر… سيعيده الله أوفى مما كان.
قصتك تشبه قصة يوسف عليه السلام: خيانة، سجن، غربة… ثم رفعة إلى ملك عظيم. فما قصد به الناس شرًّا، جعله الله خيرًا. وهكذا أنت أيها الزوهري، ابتلاءاتك لم تكن لتحطمك، بل لتُعدّك لمقام أعظم.
اليوم تبدأ رحلتك الجديدة: رحلة النور، رحلة الصبر، رحلة الارتقاء. لقد آن أوانك أن تُظهر ما أودع الله فيك، أن تكون شاهدًا على قدرته، وأن تُنير طريق غيرك.
أيها الزوهري… حياتك شهادة حيّة أن الله لا يترك أولياءه. خرجت من المعارك لا كغالبٍ فقط، بل كأحد الذين رفعهم الله فوق الانكسار. أنت أكثر من منتصر… لأن يد الله هي التي حملتك.
الآن، مع الراحة والذكر والعطاء، تبدأ رحلتك نحو فيض روحي ونِعَم تُحيط بك من كل جانب. هذا وقتك لتزهر، لتضيء، ولتُثبت أن النور الذي فيك أقوى من كل عتمة.
شارك إخوتك في التعليقات بما يسكن قلبك الآن: قُل “أثق في تدبير الله”، أو “الحمد لله على النور”، لتُترك بصمتك شاهدًا على دخولك زمن الوفرة الروحية.











